أعتقد أن سيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى محق فى انتقاده لاستمرار الإقبال الشديد على كليات الآداب والحقوق والتجارة، ناصحًا الأهالى بإلحاق أبنائهم بالكليات التكنولوجية التى يحتاجها سوق العمل، وقال السيسى مخاطبًا أولياء الأمور: «قاعدين كلكم تدخلوا أولادكم كليات آداب وتجارة وحقوق، مع كل التقدير.. هيشتغل إيه؟». وأضاف: «الابن يبقى زعلان منى وزعلان من الحكومة يقول ما بتشغلوناش ليه؟ وطلب الرئيس من أولياء الأمور فى المراحل التعليمية المختلفة ابتدائية أو إعدادية أو ثانوية، أن يشجعوا أبناءهم على الالتحاق بالمجالات التكنولوجية الحديثة التى تدر على ذويها وعلى الدولة مليارات الدولارات سنويًا.. أضم صوتى لصوت الرئيس بضرورة إعادة النظر فى الأعداد الرهيبة التى يتم قبولها سنويًا بهذه الكليات النظرية من الناجحين فى الثانوية العامة من أجل الحصول على شهادة جامعية فقط لا غير وليس من أجل تأهيلهم لأسواق العمل سواء المحلية أو الإقليمية بعد التخرج وتكون النتيجة فى النهاية تخريج جيوش من العاطلين ومطالبة الدولة بتعيينهم فى مجالات ليس لها وجود باسواق العمل وتضيع سنوات عمر الشباب فى البحث عن وظيفة بالمؤهل الجامعى الحاصل عليه ويظل عاطل بشهادة جامعية.. مطلوب من المجلس الأعلى للجامعات وبلجان قطاعات التعليم بالمجلس إعادة النظر فى التخصصات الدراسية التى لم يعد لها وجود ولا تحتاجها أسواق العمل وادخل تخصصات جديدة تتناسب مع احتياجات أسواق العمل.. وأعتقد أن كلام الرئيس لا يعنى إلغاء هذه الكليات أو نسفها من الوجود لأنه يعى ويعرف تمام المعرفة أن حضارات الدول تبنى بثقافات العلوم المختلفة سواء الآداب أو الاجتماع أو العلوم أو الطب أو الهندسة وقد قامت الحضارة المصرية على اكتاف هذه الثقافات المختلفة وكانت سباقة لكل العصور.. وإنما يريد تطوير هذه الكليات والحد من الأعداد الغفيرة التى يتم قبولها كل عام بهذه الكليات المعروفة بالكليات النظرية ليس هذا فحسب، بل الأسوأ من ذلك هو وجود نظام آخر لزيادة الطين بلة وهو قبول أعداد أخرى بنظام ما يسمى بالانتساب الموجه وهذا النظام ضاعف أعداد المقبولين بهذه الكليات وأدى إلى تخريج المزيد من العاطلين، بل أدى إلى حشر الطلاب فى المدرجات ورفع الكثافة الطلابية رغم أن نظام الانتساب الموجه يمنع انتظام المقبولين فى المحاضرات، بل يتم السماح للمنتسبين بالانتظام فى الحضور مثلهم مثل المقبولين كمنتظمين.. أعتقد أن الرئيس له كل الحق فيما قاله وبعث برسالة إلى المسئولين عن التعليم العالى لكى يدلوا بدلوهم فى هذه المشكلة القائمة بالفعل، والتى تعانى منها الجامعات، بل يعانى منها المجتمع بأثره والأسر المصرية التى تنفق الغالى والنفيس على أبنائها من أجل الحصول على شهادة جامعية تؤهل لسوق العمل وليس الجلوس على المقاهى والتسكع فى الطرقات والوقوف على النواصى.. نريد إدخال تخصصات بينية جديدة بهذه الكليات ووجود خريطة لاحتياجات أسواق العمل من التخصصات الموجودة بالجامعات.. كما تتطلب المشكلة إدماج بعض التخصصات المتناظرة فى بعضها وليس تشعيبها وتفريعها من أجل بيع الكتب للطلاب وتحقيق أرباح على حساب تخريج عاطلين فى النهاية.. وللحديث بقية إن كان فى العمر بقية.

[email protected]